في كتابه الرائع
أرني الله
وتحت عنوان
أنا الموت
كتب توفيق الحكيم قصة شاب جامعي مثقف حاصل على الدكتوراه في الفلسفة وبدأت القصه على صخرة فى شاطئ سيدي بشر حيث يجلس متأملا البحر بعين حيرى تصارع فكرة مجنونة تقترب من التحقق
وفجأة قام الشاب وتقدم تجاه البحر بكل ثقة وألقى بنفسه فية
هاج الشاطئ ورواده فهناك غريق يرونه يصارع الموت وحده
وتقدم المتقنون للسباحة ليقدمو خدماتهم
لكن هناك من سبقتهم بانقاذه من موته المحقق وفى قسم الشرطة كان الحوار الذي دار بينهم
س : ما أقوالك في هذا الحادث ؟
جـ : كنت أتابعه وأنا سابحة في زورقي ووجدته ينهض ويلقى بنفسه في البحر يريد الإنتحار
س : لماذا أردت الإنتحار
جـ : إكتب ياسيدي أى شئ اكتب خلل عقلي مثلا أو لضيق الحياة
قلت إنك من زوي الأملاك وأنت رجل من رجال التعليم فكيف نصدق ذلك؟
فالتكتب اذن رغبة فى الخلاص من الحياة وتركه
ثم ما شانكم أنتم فى شخص أراد أن ينتحر؟
ما شأننا ؟ كيف ؟ أليس انتقالك هذا يلزمة ترخيص وإجراءات كما أى شخص يريد مغادرة دار الى دار اخرى
هذا هراء وأنا لى مطلق الحرية فى اختيار المكان الذي اريده والوقت
كيف ؟انك ما أتيت الى الدنيا برغبتك
فكيف نسمح لك بتركها برغبتك وارادتك؟
نظر اليه بفروغ صبر وقال له اكتب ماتريد كتابته يا سيادة الوكيل
ثم التفت الى منقذته وقال لها ما شانك أنت بي حتى تفعلى هذا الفعل الغبي
نظرت متعجبه وقالت لقد أنقذت حياتك يجب ان تشكرني
بل ألعن حظي العاثر الذي جعلك ترينني
لقد حطمت خطتي وأفسدتى على رحلتي
سألته لو أنك رأيت منديلي سقط منى ف الطريق ألن تلتقطه وتعيده لي مرة اخرى
هذا امر مختلف يا أنتِ
إذا سقط منك بدون تعمد شئ وإذا ألقيت به من النافذة شئ ساعتها لن يعيرك أحد إهتماما ولن ترين متطفلا يعيده اليك
انتهينا
كيف وقد أفسدتى خطتى ؟
اعدك انها لن تتكرر
انتهى المحضر وخرج كليهما من باب القسم وهرول هو لإتجاه الشاطي وبدون وعي عبر الطريق دون أن يلتفت الى السيارة القادمه عن قرب موشكة على التهام جسده
وبدون أن تدري هي الأخري تقدمت مسرعة كالفراشة وانقذته للمرة الثانية من موت محقق
صاح غاضبا دعيني وشاني
وتحدثا طويلا حتى قالت له ساصحح خطأي ياهذا هيا بنا الى الصخره واعدك إنني لن أحول بينك وبين ماتريد على العكس ساحافظ على تحقيقه
وذهبا اللى الصخره فحاولت ان تعرف منه السبب الحقيقي لإنتحارة مادام قد قرر الإنتحار فلم يخشي من ان يقول الحقيقه لها وفقط ووعدته بالحفاظ عى السر
فكان منه أن قال لها إنها أى الحياة باتت مزيفة وحقيرة فلا شئ فيها ثابت الجميل يصبح قبيحا والشر يصير خيرا والصحيح يغدو خطأ والخطأ يتبدل الى صواب
وكل مافيها يدعو الى تركها كلها أمور محزنة حروب الدول وتفشي المرض وضياع القيم وانحلال الشعوب وفساد الحكومات
حتى الغناء يذكرنا بجروحنا التى ما تداوت بعد فيؤلمنا سماعه
تأملته صامتة لحظات ثم قالت يجب أن تتعاطي شيئا من التفاهه
ماذا تقولى ؟
أقول الحقيقه التى يجب ان تعيها انت لست ذكيا اذا ماجلست في برجك وتفكرت فى أمور مالك فيها خيار وعذبت نفسك بوقوعها دعك من الحكم العلوي وكن كما البشر يمرحون ويحزنون يرقصون ويغنون
لا تبحث عن عذاب نفسك بيديك
كن تافها تري الحياة جميلة
نظر لها باحتقار وأدار ظهره موليا وجهه للبحر ثم القى بنفسه فيه
وقفت هي مرتبكة لا تعرف اتفى بوعدها له بعدم انقاذه ام تنقذه
ولم تدري الا وهي بجواره تحتضنه وهو يقول لها أنت ثانية
فترد قوله نعم ألست تريد الموت؟
!أنا الموت
..........
إنتهت القصة وبقي سؤال
لماذا كل من هو تافه سعيد ؟
وكل من هو جاد أو متطلع للمثالية شقي بحياته معذب بواقعه؟